قراءة في مداخل الجودة وبعض ملامحها في آخر مشروعين من مشاريع إصلاح التربية والتكوين بالمغرب (الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والرؤية استراتيجية للإصلاح 2015_2030)

من خلال المعنى المعجمي للفظ "الجيد"، كما في لسان العرب لابن منظور، يمكن أن نستخلص المفهوم الدلالي للكلمة، والذي يفيد الإتقان والتفوق، ويناقض الرداءة. أما على المستوى الاصطلاحي فالجودة تعني القدرة على الاستجابة وتلبية حاجيات المستعمل أو المستهلك لمنتوج ما. وتقاس جودة المنتوج عامة بنسبة تحقيقه لحاجة المستهلك وبناء على كل ما تقدم فإن مفهوم الجودة في مجال التربية والتعليم يرتبط بدرجة ملاءمة المناهج التعليمية والطرق البيداغوجية ومختلف أشكال التدبير التربوي المعتمدة لخصوصيات وطموحات المتعلمين بهدف تحقيق أحسن النتائج، مما يعني أن الجودة عبارة عن خاصية إيجابية ترتبط بخدمة موجهة للمتعلم. إن الجودة سلوك مركب لا يمكن بلوغها من خلال أساليب واستراتيجيات تجزيئية وتقطيعية على غرار ما كان سائدا داخل نموذج بيداغوجيا الأهداف، وإنما الأمر على خلاف ذلك، يتطلب استراتيجيات ووسائل وأساليب متأسسة على منظور بنيوي ونسقي يتم داخله تفاعل وتكامل وظائف مختلف العناصر المكونة للمنظومة التربوية من جهة وتفاعلها مع محيطها الخارجي الاجتماعي والاقتصادي والثقافي من جهة أخرى. إن رهان هذه الورقة هو مناقشة مسار وإجراءات وأهم صور ومشاهد وملامح الجودة في أهم مشاريع إصلاح التربية والتكوين بالمغرب (الميثاق الوطني للتربية والتكوين والرؤية الاستراتيجية 2015 ــ2030) انطلاقا من ذلك نطرح جملة من الأسئلة: ــ ما المفهوم العام للجودة؟ ما مفهوم الجودة من خلال نموذج الكفايات؟ ما مسار الجودة داخل المنظومة التربوية المغربية؟ ما توجهات الجودة داخل الميثاق الوطني للتربية والتكوين ثم داخل الرؤية الاستراتيجية 2015_2030 ؟ ما دلالة وإجراءات الجودة داخل هذين المشروعين الإصلاحيين معا؟ أية شروط لتوفير جودة التعليم والتعلم؟ أية مقاربة سيكوبيداغوجية ملائمة لتوفير الجودة؟ ما هي أهم نقط الاتفاق والاختلاف بين هذين المشروعين الإصلاحيين في مجال "الجودة"