دور بلدية غزة في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية (1918–1948م)

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، الصادق الأمين ، محمد r وعلى آله وأصحابه الطاهرين الطيبين . أما بعد ،،، تعتبر بلدية غزة منذ إنشائها إبان العهد العثماني لفلسطين في أواخر القرن التاسع عشر وحتى وقتنا الحاضر المؤسسة الوطنية الأكبر في قطاع غزة والأكثر أهمية بالنسبة لسكان مدينة غزة ؛ نظراً للدور الهام والمحوري الملقى على عاتقها والمهام الجسام التي تطلع بها تجاه جميع سكان المدينة . ومنذ إنشاء البلدية عام 1893م ، حرصت الشخصيات الأكثر بروزاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً والعائلات الأكبر في المدينة حرصاً شديداً ومتواصلاً على المشاركة في إدارة وقيادة البلدية سواء من خلال رئاسة البلدية أو من خلال المشاركة بمجالسها البلدية حتى تحولت هذه المشاركة إلى رمز دامغ من رموز السيادة والرياسة للعائلات الغزية العريقة وللشخصيات البارزة ، ولقد كان لبلدية غزة دور هام في رسم معالم التاريخ الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لمدينة غزة في القرن المنصرم ، وأصبح منصب رئاسة البلدية والفوز بعضوية المجلس البلدي حلبة واسعة للتنافس المحموم بين الأقطاب العائلية والفئوية الغزية على قيادة المدينة وباتت هذه المجالس "رؤساء وأعضاء" على طول تاريخها تستقطب جميع ألوان الطيف السياسي والعائلي والوطني البارزة في غزة وتشكل نسيجاً متكاملاً يمكن من خلاله التعرف عن قرب وبوضوح على تاريخ المدينة وتطورها اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً ، والمتتبع لمسيرة البلدية منذ إنشائها قبل أكثر من قرن وحتى يومنا هذا يرى أنها قادت المدينة في شتى المجالات وعلى كافة الصعد فلقد كانت بمثابة الحكومة المحلية الحقيقية والمسيّر الفعلي لشئون المدينة على كافة الصعد بموجب المهام والأعمال المتنوعة التي قامت بها في مجالات شتى مما أضفى عليها قوة وتأثيراً كبيراً في واحدة من كبريات المدن الفلسطينية سكاناً ، وبناءً عليه فإن التبحر والتعمق في دراسة دور بلدية غزة في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتعرف على أعمالها وإنجازاتها وإخفاقاتها وتطورها سيقدم صورة واضحة حول تاريخ هذه المؤسسة العريقة،وسيلقي الضوء على نخبة من الشخصيات البارزة التي شاركت في قيادة هذه المؤسسة وسيسهم في تحديد ملامح تاريخ المدينة خلال فترة الاحتلال والانتداب البريطاني لفلسطين "1918-1948م" ، والتطور التاريخي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي شهدته المدينة ، كما سيفتح المجال واسعاً للتعرف على النظم المحلية والبلدية التي سادت إبان عهد الانتداب البريطاني من خلال بلدية غزة كنموذج أساسي