مكانة البحث اللغوي في بناء الإنسان المتسلح بالعلم لمواجهة الثورة الصناعية

يُعرف عن بريطانيا أنها كانت أسبق دول العالم إلى النهضة بتأثير من الثورة الصناعية الأولى التي عرفتها منتصف القرن الثامن عشر الميلادي إثر اختراع الآلة البخارية وتوظيفها في تحقيق نموٍّ اقتصادي متسارع كان حافزَها الرئيس إلى حملتها الاستعمارية في مختلف أنحاء العالم حتى عُرفت بالإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، ثم تبعتها سائر الدول الأوروبية في إطلاق ثوراتها الصناعية وطموحاتها الاستعمارية، وذا ما أدَّى في مجمله إلى محاولة تجهيل الشعوب المُستعمَرة أيًّا كان مُستعمِرُها؛ رغم أن محاولات كثيرة سُجِّلت لمتنوِّريها في سبيل التنبيه إلى الخطر الداهم الذي سيجتاحها، ولم تتغير الحال عما هي عليه بإعلان انطلاق الثورة الصناعية الثانية التي ترافقت مع بدء استخدام الطاقة الكهربائية منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، نعم؛ عرفت الدول المُستعمرَة في آسيا وأفريقيا الآلات البخارية والطاقة الكهربائية، ولو في أخَرَةٍ، ولكن؛ لم تكن هذه المعرفة لتخدمها في تحقيق نهضةٍ ما على غرار النهضة التي شهدتها الدول المُستعمِرة، وإنما كانت معرفتُها إياها من حيث استكمال تبعيَّتها واستعبادها، وهو ما كرَّسته مخططات طمس الهوية الثقافية المميزة كلٍّ منها من خلال مبدأ العولمة ومصطلحه الرنان، ولا سيما حين شياعِهِ وأفكارَهُ عبر مخترعات اتصالية من مثل المذياع والتلفاز، فضلاً عما كان للصحافة من أثرٍ في ذلك أيضًا